كان كبار السن من أوائل الذين تلقوا اللقاح ضد الفيروس التاجي، وهم الآن يُحتفى بهم باعتبارهم قادة المشهد الاجتماعي ما بعد كوفيد. كتب «ستيف مارتن» على تويتر: «الخبر السار هو أنني تلقيت التطعيم، أما الخبر السيئ فهو أنني تلقيته لأنني أبلغ من العمر 75 عاماً».
في غضون ذلك، يشعر الرئيس جو بايدن، 78 عاماً، بأنه أحرز نجاحاً كبيراً. فقبل بضعة أسابيع، أقر الكونجرس مشروع قانون الإغاثة من كوفيد بقيمة 1.9 تريليون دولار. وهو الآن يُطلع العالم على خطته للبنية التحتية البالغة تريليوني دولار. وهي ثاني أكبر مبادرة من رجل توقع الكثير من الأميركيين أن يكون إلى حد ما معتدلاً، مثل عم لطيف متقدم في السن.
إن خطة البنية التحتية هذه التي يطرحها بايدن كبيرة جداً، وستتطلب الكثير من التفكير من جانب المواطنين الجادين. قد يكون أول سؤال يتبادر إلى ذهنك هو: ما هو بالضبط التريليون؟
حسناً، التريليون هو ألف مليار، أما الكوادريليون، فهو 1000 تريليون.. إذا عدت بالزمن إلى الوراء لمدة (ألف مليار) كوادريليون ثانية، فستتمكن من مشاهدة تشكل الغطاء الجليدي في أنتاركتيكا. نحن نتحدث عن 31.7 مليون سنة.
إن تكلفة خطة البنية التحتية لبايدن لا تصل إلى الكوادريليون (1000 تريليون دولار) - بعض التقدميين لا يعتقدون أنها حتى تصل إلى ما يكفي من التريليونات. (كتبت النائبة «ألكساندرا أوكاسيو كورتيز» على تويتر: «هذا ليس كافياً تقريباً». لكن مع ذلك، إنها تنم عن مشروع طموح، مشروع من شأنه «إصلاح الاقتصاد وإعادة تشكيل أميركا الرأسمالية»، حسبما وصف «جيم تانكرسلي» في صحيفة نيويورك تايمز.
والسؤال الثاني هو: ما هي البنية التحتية بالضبط؟ أولاً، نميل إلى التفكير في الطرق. الجميع يحب الطرق. الطرق التي تحتاج إليها للذهاب إلى العمل والمدرسة واستخدامها لزيارة أصدقائك وعائلتك. سيظل دوايت أيزنهاور دائماً في الذاكرة كرئيس أنشأ نظام الطرق السريعة الوطني، وما زلنا ننظر إليه على أنه رجل جيد.
هل سيُذكر جو بايدن في التاريخ باعتباره «القائد الأعلى للإصلاح الأميركي»؟ إلى جانب إصلاح 20 ألف ميل من الطرق، يريد بايدن أن يفعل كل شيء من كهربة أساطيل الحافلات المدرسية الصفراء، إلى التخلص من أنابيب الرصاص التي تلوث إمدادات المياه، إلى الالتزام بمبلغ 400 مليار دولار لمساعدة كبار السن والمعوقين.
«حصان طروادة الذي يخفي ارتفاعات ضريبية هائلة وسياسات يسارية أخرى قاتلة للوظائف»، هكذا قال ميتش ماكونيل، 79 عاماً. إن أكثر ما يكرهه «ميتش» هو حقيقة أن بايدن يسدد جزءاً كبيراً مما يريد إنفاقه، من خلال زيادة الضرائب على الشركات.
اعتاد الحزب «الجمهوري» على الإيمان بالميزانيات المتوازنة، لكن هذا كان منذ وقت طويل. في هذه الأيام، يستهل أي رئيس «جمهوري» جديد، سواء كان جورج دبليو بوش أو دونالد ترامب، عمله بخفض ضريبي شامل يؤدي إلى تدهور الحكومة. كان رونالد ريجان يعتقد أنه إذا خفض الضرائب، فسيقوم الكونجرس تلقائياً بخفض الإنفاق ليحقق الهدف النهائي الجديد. أطلق على خطته اسم «تجويع الوحش».
قال «إريك تودير»، من مركز «إيربان بروكينجز» للسياسات الضريبية: «لم تنجح سياسة تجويع الوحش، وبحلول الوقت الذي أصبح فيه كلينتون رئيساً، كان محاصراً حقاً».
لذا، يمكن توقع مقاومة من «الجمهوريين» لهذه الزيادات الضريبية. ولكن هناك الكثير من الأشياء الأخرى التي سيجدونها جذابة للغاية. من الصعب تخيل السياسيين وهم يعيقون خطة من شأنها إصلاح جسر وسط المدينة، وتقديم خدمة النطاق العريض إلى الناس في المناطق النائية.
من بين الأشياء الرائعة العديدة في اقتراح بايدن الطريقة التي يختلف بها عن عرض دونالد ترامب. هل تتذكر أول أسبوع تحدث فيه ترامب عن إصلاح البنية التحتية؟ لم يتمكن من معرفة ما يجب وضعه في الحزمة، لذلك بدأ بدعوة لخصخصة نظام مراقبة الحركة الجوية.
ولم ينجح الأمر، على الرغم من أن ترامب كان يحب الحديث عن البنية التحتية. وأن يقضي أسابيع! مثل «أسبوع الحلم الأميركي»، الذي استهله بدعوة لخفض الهجرة القانونية بنسبة 50 في المئة.
في النهاية، كان أسبوع البنية التحتية ذاك بمثابة فشل للطرق السريعة والقطارات وما إلى ذلك. لكن ترامب اعتقد أنه حقق نجاحاً كبيراً، لأنه خصص كل إنفاقه على جدار المكسيك (أحد أكبر مشاريع البنية التحتية في تاريخ بلادنا).
بعد ذلك، في عام 2019، حدد ترامب موعداً لعقد اجتماع بشأن البنية التحتية مع نانسي بيلوسي وتشاك شومر. تمت دعوتهم لمناقشة خطة بقيمة تريليوني دولار! ولكن عندما وصل الرئيس إلى الاجتماع، رفض مصافحة أي شخص وقال إنه لن يتحدث عن أشياء مثل إصلاح الطرق حتى يتوقف «الديمقراطيون» عن التحقيق في علاقاته مع روسيا. وقبل طرد «الديمقراطيين» تماماً من الاجتماع، كان موظفو ترامب قد وضعوا علامة كبيرة مكتوباً عليها «لا تواطؤ، لا عراقيل».
*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»